الثلاثاء، 25 نوفمبر 2008

فرانز روبنسون

هناك أكثر من شخصية من شخصيات الرسوم المتحركة القديمة أعجبتني وعاشت في وجداني منذ الطفولة
اليوم فكرت أن اختار من هذه الشخصيات شخصية مغمورة ربما لا يقف الكثير من محبي الأنمي القديم عندها حتى لكنها بالنسبة لي من الشخصيات المفضلة بل ربما هي من الشخصيات القليلة التي شعرت معها أن هناك شيء مشترك بيني وبينها في شخصيتي
اخترت لكم اليوم شخصية فرانز روبنسون من مسلسل فلونه


مسلسل فلونه واحد من المسلسلات القديمة التي دبلجت بواسطة مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج العربي
وهو مسلسل مقتبس الأدب العالمي بعنوان "عائلة روبنسون السويسرية" للكاتب Johann David Wyss

عائلة روبنسون تتكون من خمسة أفراد
الأب أرنست روبنسون ويعمل طبيباُ
الأم آنا روبنسون ربة بيت
الأبن الأكبر فرانز روبنسون في الخامسة عشر من العمر
البنت فلونه روبنسون في التاسعة من العمر
الصغير جاك روبنسون في الثالثة


في يوم من الأيام يتلقى روبنسون رسالة من احد أصدقاءه يطلب فيها منه أن يأتي إلى استراليا القارة الجديدة بسبب وجود نقص في الأطباء هناك
تسافر الأسرة إلى استراليا ولكن تتعرض الباخرة للغرق وينجو أفراد العائلة بأعجوبة ويستطيعون أن يصلوا إلى جزيرة مهجورة لكنهم يستطيعون التغلب على مصاعب الحياة هناك ويستطيعون في النهاية الخروج من الجزيرة

والقصة تركز بشكل أساسي على أن الانسان باستطاعته التغلب على الأزمات التي تواجهه بالصبر والحكمة والعمل وعدم اليأس حتى في حال الفشل بل الاستفادة من الأخطاء وتلافيها مستقبلاً

فرانز
هو الأبن البكر
فرانز شاب هادئ مرهف الحس يطمح لدراسة الفن والموسيقى وهو على النقيض من شقيقته فلونه التي كانت لاتكل ولا تمل دائمة الحركة تحب الاكتشاف وتهوى تسلق الأشجار وتوقع نفسها دائماً في المتاعب
حتى أن والدتهم قالت ذات مرة ليت فرانز كان هو الفتاة وفلونه كانت هي الصبي
إضافة صورة



حين قررت العائلة السفر إلى استراليا واجهت مشكلة
فرانز كان يعارض سفر العائلة إلى استراليا حيث كان يريد أن يتعلم الموسيقى في فينا بالنمسا
حيث أن استراليا لا توجد معاهد لتعليم الموسيقى بحكم كونها قارة جديدة
لذلك تقرر العائلة السفر إلى استراليا بدونه
وتعهد به عائلته إلى أحد الأقارب



جاء يوم السفر وصعدت العائلة إلى العبارة وبدأت تلوح للمودعين
فرانز كان من ضمن المودعين وكان يشاهد عائلته وهم يتركونه ذاهبين إلى المجهول
لم يكن سهلاً على فرانز أن يتخذ قرار البقاء في سويسرا لدراسة الموسيقى فقد كانت الموسيقى عشقه الأبدي وحلمه الذي يصعب التخلي عنه
ولكن هل سيضحي برفقة أهله من أجل حلمه
على ذلك الرصيف وبينما أهله يودعونه كان فرانز يعيش صراعاً
حلمه أو أهله
في لحظة حسم الأمر
ركض فرانز وقفز إلى ظهر العبارة وسط دهشة الجميع
وقرر السفر معهم إلى استراليا



على ذلك الرصيف ترك فرانز أحلامه واختار دفء الأسرة

عندما أفكر فيما حدث بعد ذلك للعائلة أتخيل كيف يكون وضع العائلة لولم يكون فرانز معهم
بالتأكيد ستكون الأمور أصعب
خاصة أن فرانز كان الساعد الأيمن لوالده وأهله في عملهم على تلك الجزيرة
بناء المنزل والقارب والحراسة والكثير من المهام الأخرى
ربما هي مشيئة القدر أن يقرر فرانز في اللحظة الأخيرة مرافقة أهله

إلى استراليا
على ظهر الباخرة المتجهة إلى استراليا التقى إيملي
كانت فتاة لطيفة تهاجر مع والديها وجدتها إلى استراليا
وسرعان ما شعر الاثنان بالارتياح تجاه بعضهما
وأحبها



ثم كانت الكارثة

هبت عاصفة ممطرة استمرت عدة أيام
طاقم السفينة كان يجاهد حتى لا تغرق ولا تفقد مسارها
بعض الحوادث على ظهر السفينة بسبب العاصفة تسببت بوجود جرحى
وقد تبرع روبنسون بصفته طبيباً بمعالجة الجرحي وكان العمل مرهقاً



فرانز خرج ليساعد الرجال على ظهر السفينة كي لاتغرق
لكنه يسقط في عرض البحر مع قبطان السفينة
تبدأ السفينة في الغرق ويتم أجلاء ركابها في قوارب النجاة

عائلة روبنسون هي الوحيدة التي بقيت وحدها على ظهر السفينة
الأم كانت متعبة بسبب دوار البحر والأب كان منهكاً من معالجة المرضى لذا نام الجميع
وحين تنبهوا للأمر هبوا لاكتشاف الأمر
كانت السفينة تميل وتبدأ في الغرق
فصعدوا بصعوبة إلى سطحها
وهناك كان آخر قوارب النجاة يهم بالرحيل



أيميلي صديقة فرانز رأتهم وكانت تصرخ في البحار الذي كان ينزل القارب: عائلة روبنسون بقيت
لم يبال احد بكلامها
وذهبت صرخاتها أدراج الرياح
تم إنزال القارب وبقيت عائلة روبنسون وحدها على ظهر السفينة الغارقة في خضم العاصفة



عائلة روبنسون ادركت حجم الفاجعة
السفينة كانت تغرق والعاصفة لم تتوقف
فرانز مفقود
هل غرق؟



الأم تبكي كانت تقول ان فرانز لم يكن يريد الذهاب معهم في هذه الرحلة
ليته بقي في سويسرا
العائلة كلها حزينة تبكي



لكن فرانز كان لا يزال حياً
تعلق هو والقبطان بقطعة خشب في عرض البحر
كلت أيديهم من الإمساك بقطعة الخشب
لكنها هي النجاة بالنسبة لهم
فرانز لم يتحمل وفقد الوعي
القبطان احضر حبلاً وربط فرانز بقطعة الخشب
بهذا لن يغرق وربما وجده احد لينقذه
لكن موجه كبيرة أغرقت القبطان

من قلب اليأس يأتي الأمل
اليوم التالي حمل معه بشائر طيبة
طلع الصباح توقفت العاصفة وتوقف تسرب المياه إلى السفينة
الأب ذهب إلى سطح السفينة ليستطلع الأمر
وعاد بعد قليل وهو يحمل بشارة أكبر
عاد الأب إلى كبينة العائلة وهو يحمل فرانز



بشارة أخرى لاتقل بهجة عن ما حدث في ذلك اليوم
فمع انقشاع الضباب تبين الجميع وجود جزيرة قريبة من مكان غرق السفينة

استطاعت العائلة بناء طوافة للوصول إلى جزيرة قريبة من المكان الذي تحطمت فيه السفينة
وفي اليوم التالي من وصولهم للجزيرة وجدت العائلة جثة القبطان


وقد تأثر فرانز كثيراً لموت القبطان
لقد ضحى بحياته لكي يبقى
تمنى فرانز أن يكون هو من مات
تم دفن القبطان وألقيت الزهور على قبره عرفاناً من الأسرة بجميله
وما كاد القبطان يستقر في قبره حتى غرق آخر ما تبقى من السفينة
كأن السفينة تودع صاحبها



يأس فرانز من الحالة التي وصلوا لها بلغ أشده حين اكتشف مع والده أن الجزيرة التي وصلوا لها هي جزيرة مهجورة تحيطها المياه من جميع الجهات
وقد تطلب وقتاً طويلاً حتى يتكيف مع الوضع الجديد ويعمل وفقاً لمعطياته
خاصة مع تفكيره الدائم بإيميلي والتساؤل إن كانت قد نجت من الغرق أم لا


حادث أخر كبير حصل لفرانز
ربما يكون له الأثر الأكبر في تجدد الأمل لديه
ففي الأيام الأولى لوصول العائلة للجزيرة وجدت العائلة حشرة غريبة بثت سمها في وجه فرانز
وقد افقده ذلك بصره



في تلك الفترة وصل فرانز إلى قمة يأسه وسخطه
ظن الجميع أنه فقد بصرة للأبد
وقد آلمهم ذلك
وسهرت العائلة كلها على فرانز فكانوا يتناوبون على غسل عينيه بالماء
ولكن مرت الأيام دون أن يظهر تقدماً واضحاً
حتى أن العائلة تقبلت أن يكون فقد بصرة للأبد

في صباح احد الأيام استيقظ فرانز واكتشف أنه يرى
خرج من الخيمة ليجد أهله في الخارج ويخبرهم أن بصره عاد إليه



لم تسعه الفرحة فكان يقفز سعيداً
وعادت البسمة إلى وجوه العائلة
وربما أثر هذا كثيراً على فرانز
وأعطاه أملاً اكبر في أن الأمور مهما ساءت ومهما بدا له أنه لا خلاص في الأفق إلا أن هناك أملاً يمكن التمسك به

في الفترة التالية اصبح فرانز أكثر قوة وتماسكاً
تأقلم مع العيش في الجزيرة وأصبح الساعد الأيمن لأهله
حتى انه صنع آلة موسيقية بنفسه وأن لم ينس أميلي التي لم يكن يعرف أن كانت مازالت حية أم غرقت في العاصفة



ما اعجبني في شخصية فرانز أنها شخصية انسانية حقيقية من لحم ودم
فكانه شخص تعرفه في الواقع
شخصية مرهفة الحس يمتلك موهبة فنية لكنه يجد نفسه وسط تجربة قاسية
يفقد صديقته ويحبس مع اهله في جزيرة مهجورة لا يبدو أن هناك أمل في الخلاص منها
لكنه يتعلم الصبر والعمل بجد رغم قسوة العيش هناك
تتبدل شخصية فرانز من خلال المسلسل ومن خلال الحوادث والتجارب التي عاشها
كنت أكره فيه نظرته السوداوية في البداية وحديثه عن الموت وعن تحولهم إلى هياكل عظمية كذلك الرجل الذي وجدوا جثته ومذكراته
لكنني وجدت أن ذلك كان تصرفاً طبيعياً من شخص مثله
بل ربما كان من غير الطبيعي أن يتصرف تصرفاً آخر ويتأقلم سريعاً مع العيش في تلك الجزيرة كما فعل والداه وفلونه
وربما كان من أكثر الأشياء التي جعلته يبتعد عن تلك الأفكار ويسعى للعمل ويتأقلم مع الحياة هناك هو وجود عائلته بجانبه
عائلته التي اختارها مضحياً بأحلامه

تلك شخصيتي الأقرب إلى نفسي

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

شكرا على هذا المقال لقد وصفت فرانس بدقة بالغة وانا سعيد بهذا الوصف وهو فعلا يمثل نموذج الشاب المثالي وانا شديد الاعجاب بهذا المسلسل الكارتوني لقد شاهدته اول مرة وكان عمري 12سنة وانا الان متزوج وعمري 38 واشاهد احداث هذا المسلسل مع عائلتي بغاية الشغف على احدى القنوات الفضائية فعلا انها قصة رائعة تترك في النفس انطباعا جميلا